خايف اتجنن
الشكوى من قلة النوم من الشكاوى المتكررة فى العيادات النفسية وفى أحد الأيام دخلت سيدة على درجة عالية من الثقافة ولها وظيفة اجتماعية مرموقة وبدأت الشكوى قبل أن تلقى بالتحية.
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
| |
***** |
كانت هذه مقابلة طبية مع مريضة تعانى من القلق النفسى وقلة النوم ...والنوم ضرورة هامة ... حقيقة لا نزاع فيها ولا خلاف باتفاق جميع الآراء ، ونحن لا نشعر بأهميته إلا في الأوقات التي يستعصي فيها النوم ... وعندما نغوص في أعماق الأرق والهم.
والسؤال الحائر لماذا يستعصي علينا النوم في بعض الليالي ؟...وحقيقة النوم أن الله سبحانه وتعالى أوجده في الإنسان رحمة به وفضلا حتى يتمكن المخ من إراحة خلاياه من الإجهاد اليومي ... كما أن الجسم يستطيع أن يجدد خلاياه خلال النوم ويتخلص من جميع نواتج الاحتراق الداخلي المتراكمة بالعضلات والتي تسبب الإجهاد ... وبذلك يصبح عند الاستيقاظ نشيطا.
كما يؤكد العلماء أن بناء البروتين في الجسم ينشط أثناء النوم ... وهذا يساعد على بناء الخلايا والأنزيمات والهرمونات المختلفة التي تساعد الجسم والمخ على أداء وظائفه بكفاءة أعلى.
والواقع أن نظام العمل في المخ لا يقوم بتثبيت المعلومات الجديدة بطريقة فورية ... ولكن أثناء النوم يقوم المخ بالتحقق من المعلومات الجديدة المكتسبة ، ويقوم بمقارنتها بالمعلومات القديمة التى سبق له تخزينها فى الذاكرة ، كما يعمل على تصنيف كل المعلومات الجديدة والقديمة فى مخزن الذاكرة للاستفادة منها واسترجاعها فى المستقبل عند الحاجة …… وبناء على ذلك كى يكتسب الفرد ذاكرة قوية يجب أن يحصل على كفايته من النوم المريح.
ومن الناحية الإكلينيكية فالنوم أنواع عدة فى الصحة والمرض – فقد يكون النوم عميقاً مستمراً منعشاً … أو يكون على النقيض سطحياً متقطعاً ومجهداً. أو من ناحية أخرى فقد يكون خاليا من الأحلام أو يقضى النائم معظم وقت النوم فى الأحلام .. وقد تكون هذه الأحلام من النوع الحسن أو النوع السيئ المفزع.
وفى العادة لا يكون هناك رد فعل للمؤثرات الخارجية أثناء النوم ودرجة إنعدام رد الفعل تتناسب مع درجة عمق النوم ، ومع درجة الإرهاق ومع حالة المريض النفسية ، وكذلك مع نوع وشدة المؤثر الخارجى … وعلى سبيل المثال فإنه من الجائز أن تنام الأم نوما عميقاً بحيث لا تتأثر بالأصوات المزعجة … ولكنها تصحو مباشرة لأول صوت يصدر من أبنها.
وتستطيع أن تقول أن ساعات النوم الطبيعية فى الشخص البالغ تختلف فى المعدل من 4 – 1. ساعات يوميا. وفى أحد الأبحاث الحديثة فى مقارنة الأفراد الذين ينامون أقل من 6 ساعات بهؤلاء الذين ينامون أكثر من 9 ساعات وحد تجريبياً أن هؤلاء الذين يتميزون بقلة النوم لهم قدرة متفوقة فى المبادرة والكفاح والإصرار وأقل عرضه للمرض العصبى من هؤلاء الذين ينامون أكثر من 9 ساعات والذين يجنحون ناحية القلق والاكتئاب.
ولا تستطيع أن نصف النوم بأنه حالة من توقف النشاط الكامل ، ولكنه حالة يقل فيها الانتباه إلى المنبهات الخارجية أو يتوقف فيها هذا الاهتمام.
وهناك بعض الأدلة على أنه يوجد أثناء النوم نوع من النشاط المستمر والذى يختلف بالطبع إلى حد ما عن اليقظة. وأهم أوجه هذا النشاط الآتى:-
- تستمر حركة الجسم وتقلباته والغرض منها حماية النائم.
- يزيد تدفق الدم فى المخ أثناء النوم عنه أثناء اليقظة.
- ينشط الجهاز الباراسيمبتاوى ( من أجهزة الجهاز العصبى اللاإرادى) أثناء النوم ويفوق فى نشاطه الجهاز السيمبتاوى.
- بعض المشاكل الفكرية نجد لها حلا أثناء النوم – أى ننام على المشكلة ونصحو صباحا لنجد أن الحل موجود بوضوح أمامنا – ويسمى هذا بالتفكير اللاشعورى.
- كما سبق أن ذكرنا ، أننا نجيد التعليم والدراسة إذا أعقبنا ذلك بالنوم … حيث أن عملية التداخل بين المعلومات القديمة والمعلومات الحديثة تحدث أثناء النوم ويقوم المخ بتنظيم تلك المعلومات وتصنيفها فى مخزن الذاكرة. وهذا أحد أوجه النشاط أثناء النوم.
*****
وقد اثبت العلم الحديث أن النوم ليس نوعا واحداً كما كنا تعتقد ، فهو على الأقل نوعان مختلفان.
النوع الأول: والذى يطلق عليه النوم الكلاسيكى أو النوم البطىء وهذا النوع يتميز بانخفاض سرعة التنفس وسرعة ضربات القلب وانخفاض الدم وهبوط درجة حرارة الجسم وانخفاض سرعة الاحتراق الداخلى بالجسم. وهذا النوع يتميز بأنه لا تصاحبه حركات العين السريعة.
أما النوع الثانى ويطلق عليه النوم النقيضى أو النوع الحالم فهذا النوع يتميز بحركات العين السريعة وتحدث أثناءه الأحلام … ويصاحب هذا النوع من النوم نشاط فى كل الأجهزة وتزداد حركة التنفس وسرعة القلب وضغط الدم وإفراز المعدة.
ويتعاقب النوعان من النوم فى دورات ثابتة تقريباً لكل شخص … ويحدث النوع الثانى مرة كل 9. دقيقة ، ويستمر حوالى 2. دقيقة فى كل دورة … ويقضى النائم حوالى 25% من فترة النوم فى هذا النوع الثانى.
ويحدث النوع الأول من النوم فى أول الليل بكثرة … بينما تطول فترات النوع الثانى أخر الليل.
ويطلق على النوع الثانى من النوم أيضا اسم النوع الحالم وذلك لعلاقة هذا النوع من النوم بالأحلام علاقة وثيقة. إذ نجد أننا إذا أيقظنا النائم خلال فترة حركات العين السريعة فإنه يذكر لنا على الفور أنه كان مستغرقاً فى الأحلام …وهناك دليل آخر على أن هذا النوع من النوم خاص بالأحلام وهذا الدليل مستوحى من أن حركات العين تشبه فى حركتها متابعة الصور المتحركة وكأن النائم يتابع الصور التى يراها فى حلمه.
وقد اختلف الكثيرون فى الأسباب التى تدعو الإنسان أن ينام … فيعتقد البعض أن الإنسان يظل يقظاً بسبب المنبهات الخارجية عن طريق أجهزة الإحساس المختلفة … وأن النوم حيث يسبب قلة هذه المنبهات وبحيث يصبح الإنسان بعدها أكثر استعداداً للنوم.
ومن المعروف أن هناك 5 مراكز عليا فى المخ تتحكم فى أنشطة الجسم المختلفة مثل التنفس والشهية وضغط الدم… وقد تثبت أخيراً أن هناك مركزاً يتحكم فى حالة اليقظة… هذا المركز يسمى التكوين الشبكى وموقعه فى المخ المتوسط … وهذا المركز يجعلنا متيقظين فإذا ما أنتهى من عمله نبدأ نحن فى النعاس.
يقول الله تعالى { إذ يغشيكم النعاس أمنهً منه } .. إذاً فالنوم أمن من الله تعالى للبشر ولذلك فإن من يفقد نعمه النوم المنتظم يعانى من الكثير من التوترات النفسية.
ومشكلة الأرق أو عدم النوم من المشاكل التى تمر على الكثير منا فى المراحل المختلفة من الحياة … فقد يعانى الإنسان من عدم النوم نتيجة لوجود بعض الآلام الجسمانية مثل الصداع والمغص الكلوى والمرارى أو بسبب وجود صعوبة فى التنفس أو الكحة الشديدة … أو نتيجة للتعرض لبعض الحوادث والإصابات التى تؤثر على الجسم وما يصاحب ذلك من الآلام … وقد يعانى البعض من الأرق أو عدم النوم بسبب وجود بعض المشاكل الاجتماعية فى حياته.
ويحدث الأرق فى وقت تزيد فيه وطأة الحياة ويميل الأرق إلى أن يكون اكثر شيوعاً بين النساء وكبار السن والأشخاص المضطربين نفسياً أو فى مواقف غير مناسبة اجتماعياً واقتصادياً … وعندما تتكرر نوبات الأرق فإنها قد تؤدى إلى خوف من عدم النوم وانشغال بتبعاته مما يخلق دائرة خبيثة تفاقم من مشكلة المريض.
وأكثر الشكاوى انتشاراً بين مصابى الأرق هى الشكوى من صعوبة الدخول فى النوم ، يليها صعوبة الاستمرار فى النوم وبعدها الاستيقاظ المبكر … ومع ذلك فإنه عادة ما يشكو المريض من أكثر من واحدة من تلك الشكاوى.
ويصف مرضى الأرق أنفسهم عندما يحين وقت النوم بأنهم يشعرون بالتوتر والقلق والانشغال أو الاكتئاب وكأن أفكارهم تتسابق، وكثيراً ما يجترون أفكارهم حول حصولهم على كمية كافيه من النوم وحول وجود مشاكل خاصة أو حول وضعهم الصحى … وحتى حول الموت … وفى الصباح كثيراً ما يشكون من إحساسهم بالتعب الجسمى والعقلى.
والأرق عرض شائع فى الاضطرابات العقلية الأخرى مثل الاضطرابات الوجدانية والنفسية وفى مرض الفصام وفى مرضى الإدمان كذلك فإن الأرق قد يصاحب الأمراض الجسمية التى يصاحبها ألم أو قلة راحة.
****
وتعتمد الخطوات الأولى فى علاج الأرق على الفحص الطبى والنفسى على استبعاد وجود أى مرض عضوى أو نفسى حيث يتجه العلاج أولاً لعلاج تلك الحالات لشفاء المرض الأصلى.
ويتجه العلاج فى كل حالة حسب السبب الأساسى للأرق:-
- العلاج النفسى مع بعض المطمئنات مثل الفاليوم والأتيفان .. خاصة فى حالات القلق ويستحسن استعمال هذه العقاقير لمدة لا تزيد عن 6 أسابيع حتى لا يتعود المريض على العقار.
- إذا كان الأرق ثانوياً بسبب وجود اضطراب وجدانى فإن العلاج الأمثل هو استخدام مضادات الاكتئاب مثل أقراص تربتزول و لوديوميل
- إذا كان الأرق ثانوياً لاضطراب ذهانى فإن العلاج المستخدم يكون مضادات الذهان مثل اللارجاكتيل و المليريل و الليبونكس
وعندما لا نجد سببا نفسيا أو اضطراباً عقلياً للأرق فإننا نستخدم ما يسمى بالنوم الصحى وتستطيع تلخيصه بالآتى:
| |
| |
| |
| |
| |
| |
|