نعمة الوقت

نعمة الوقت

 الوقت نعمة كبرى من نعم الرحمن علينا ويعيش الإنسان في الحياة الدنيا ما شاء الله له من الأجل، وتمر عليه الأيام والسنون وهو غافل - إلا من رحم ربي - عن المكون الأساسي للحياة وهو الوقت... بل انه أنفس نعمة وأعظم نعمة أنعم الله بها على الإنسان... قال الحسن البصري - رحمه الله تعالى: «يا ابن آدم أنما أنت أيام... كلما ذهب يوم ذهب بعضك»، وفي هذا إشارة إلى قصر العمر، وانه سرعان ما يمر، فكل يوم ينقص منك، ويقل حظك من الدنيا.

والوقت هو عمر الإنسان ورأسماله في الحياة الدنيا، لأن كل يوم يمضي على الإنسان يأخذ من عمره ويقربه من أجله، والعاقل من يغتنم وقته ويستغله في ما يرضي ربه، ويحقق لنفسه السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.

 ولكن يشتكي الكثير من الناس من مسألة هدر الوقت وضياعه سُدًى دون أي فائدة تُذكر، مما يؤخر إنجازهم للعديد من الأنشطة والأمور الحياتية المُهمة، كما ينعكس سلباً على إنتاجيتهم في العمل، لا سيما إن كان مجاله يحتاج بالضرورة إلى سرعة في الأداء أو الانتهاء في أقصى مدة مُمكنة، وتتعدد عوامل وأسباب هدر الوقت فالبعض يأتى للعيادة النفسية يشتكى من ان ساعات اليوم لا تكفيه لإنجاز ما وكل به من أعمال ،فتأتى الأم مثلا وتقول: يا دكتور حاسة انى فى ساقية واليوم قصير ولا استطيع أداء ما على من واجبات منزلية بعد انتهائى من مساعدة الأولاد فى الوجبات المدرسية . وعلى الجانب الآخر يأتي من يشتكى من طول الوقت والإحساس بالفراغ المؤلم ويقول : يا دكتور أجد الوقت طويل ولا اجد ما يشغل وقتى وأظل طول الليل أتقلب فى الفراش مما يسبب لى الملل والضيق والإحباط.

المحاسبة على الوقت

في الحديث: «لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم» (رواه الترمذي). وعن عمر قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، إنما الحساب يخف يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا.. رواه الترمذي.

وفي الحديث: «اغتنم خمسًا قبل خمس حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك» (رواه الترمذي).

وهناك عدة أسباب تؤدى إلى فقدان الاستفادة من أوقاتنا فقد  يظن البعض أنّ اليوم مفتوح لعمل كل شيء بما في ذلك التسيّب أو عدم تحمل المسؤولية تجاه الوقت أو الإنجاز من خلاله، فيبدأون يومهم بالطريقة نفسها وينهونه دون الاكتراث بحجم الإنتاج الذي قدموه خلال النهار، بالإضافة إلى أنّ تجاهل قيمة الوقت تؤدي بالفرد إلى استغراق ساعات في إنجاز أمر ما يمكن القيام به خلال عشر دقائق مثلاً، وقس على ذلك سنين العمر كاملة.

كذلك فإنّ عدم وجود جدول يومي للقيام بالمهام المُختلفة، وتوزيع الأنشطة العادية يؤدي إلى ارتباك الشخص وهدر الكثير من وقته، لا سيما أنّ الوقت يمضي ولا ينتظر أحداً.  

وقد اعتاد الكثير من الناس إن لم يكن أغلبهم لا سيما في المجتمعات العربية على هدر الوقت وسوء استثماره بدءاً من الأسرة ومروراً بالمدرسة التي لا يتلقى الطالب فيها توجيهاً على الأقل حول أهمية تنظيم الوقت، وصولاً إلى بعض المؤسسات العامة التي لا تُقدر قيمة الوقت أيضاً.

ومن الأمور التى تؤدى إلى هدر الوقت إنّ بعض الأعمال يمكن للإنسان القيام بها وحده، فيما يمكن تولية مهام ثانية للآخرين من باب المساعدة أو العمل الجماعي سواء في العمل، أم في المنزل، وينسحب هذا الأمر على العديد من مجالات الحياة المُتعددة

وقد يكون الشخص موقناً قيمة الوقت ويستشعر أهميتها في الحياة، ويُحاول ضبط وقته بالتخطيط بجدول يومي أو ما شابه، لكنه عند التنفيذ لا يفعل شيئاً ويبقى الأمر المُخطط له مجرد حبر على ورق.

 كذلك فان وسائل الاتصال الجماعى أصبحت احدى ضروريات الحياة المعاصرة إلا ان قضاء ساعات طويلة فى استخدامها يتسبب فى ضياع الوقت لذلك يجب ان تحدد وقت معين لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعى ‘والاهم من ذلك ان توقف جميع تنبيهات إشعارات الرسائل أثناء ممارسة الدراسة أو العمل لان الاطلاع على تلك الإشعارات يتسبب فى تشتت الذهن وعدم التركيز

ويمكنك تجنب إضاعة الوقت من خلال اتباع النصائح التالية:

· كن صريحا مع نفسك حول الأسباب التي يمكن أن تكون السبب في إبعادك عن القيام بالمهام في وقتها المحدد والبحث عن الحلول الواقعية لها.

· إن كنت تعتقد بأنك تعاني من سبب طبي أو مشكلة صحية أو نفسية فقم باستشارة الطبيب لتشخيص حالتك بدقة وتحديد العلاج لها.

·  إذا كانت مشكلتك فقط تتمثل في التسويف، فقم بتقسيم المهام الكبيرة التي عليك إلى مهام أصغر حتى تقوم بأدائها بشكل أسهل، وحاول أيضا أن تضع مواعيد محددة لإنهاء أعمالك.

·  لا تبخل على نفسك بمكافأة عند إنهائك لمهمة بشكل كامل في موعدها.

·  إذا وجدت نفسك لم تستطع إنهاء وظيفة أو عمل محدد في موعده لا تعطي الأمر ردة فعل كبيرة، ولا تغضب ولا تضيع المزيد من الوقت وحاول أن تأخذ الأمور بهدوء.

وقد حث الإسلام على العمل ولو بقي من العمر لحظة ففي الحديث: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها؛ فله في ذلك أجر» (أحمد: 3/184).

والعبادات مرتبطة بالأوقات، فالصلوات الخمس موزعة على الأوقات التي تنبه المسلم على العبادات حتى لا يغفل، والصيام مرتبط بالوقت برؤية الهلال، والحج أشهر معلومات، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير؟ قال «من طال عمره وحسن عمله»، قيل: فأي الناس شر قال: «من طال عمره وساء عمله» (رواه الترمذي).

ومن أقوال الصالحين: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وقال الحسن: «ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي المنادي يا أبن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني إذا أمضيت لا أعود إلى يوم القيامة».

 

اذا كان لديك مشكلة وترغب فى عرضها على العيادة النفسية

سجل ايميلك لتصلك الاعداد الجديدة من مجلة النفس المطمئنة