عذاب لا ينتهى

عذاب لا ينتهى

جلسة علمية دينية فى أحد المساجد الشهيرة وجمهور متحمس لتلقى العلم وعالم فاضل متمكن يلقى الدرس والجميع فى حالة من الطمأنينة والخشوع والجلسة تحفها الملائكة، ويقطع  الجلسة سؤال من أحد الحضور يطلب فيه رأى العالم بدون انتظار لوقت الاسئلة ،وعندما وجه له المحاضر بأن الأسئلة تكون فى أخر المحاضرة الح عليه السائل بأن يجيبه فى الحال لانه لا يستطيع الانتظار.وهنا تدخل بعض الحضور فى الحوار وبدأ الضجيج يعلو وساد الجلسة جو من الهرج والمرج .وحتى يستطيع العالم ان يكمل درسه طلب من السائل ان يدنو منه حتى يستطيع الإجابة على سؤاله. وبعد أن استمع منه إلى السؤال وكان فى صيغة مكتوبة اجابه بطريقة واضحة شافية وهنا طلب السائل من العالم ان يسمع له مرة اخرى ورد العالم بنفس الرد ولكن السائل لم يقتنع وطلب منه ان يقرأ السؤال المكتوب وان يقوم برد مكتوب أيضا لأنه لا يطمئن ان العالم قد فهم سؤاله والح عليه بطريقة متوترة..وبعد ان شعر أن صوت الناس بدأ يعلوا وأنه قد يتعرض للايذاء من الجمهور الغاضب انصرف وكان يبدوا عليه الحيرة وعدم الطمأنينة والاقتناع.

هذا نوع من انواع المرض النفسى الذى نراه دائما فى الناس من حولنا ولا يشعر غير المتخصصين بأن هذا النوع من البشر يعانى من بعض أنواع المرض النفسى لدرجة الوساوس القهرية وهناك امثلة أخرى نراها أيضا فى المجتمع لمرض الوسواس القهرى مثل الانسان الذى يكرر الوضوء مرات عديدة ولا يطمئن انه قد اسبغ الوضوء وأنه قد أصبح طاهرا، والانسان الذى يكرر غلق الباب عدة مرات ورغم ذلك يشعر بالقلق من كونه قد يكون قد ترك الباب مفتوحا. وفى مرض الوسواس القهرى، يبدو العقل كأنه التصق بفكره معينة أو دافع ما وأن العقل لا يريد أن يترك هذه الفكرة أو هذا الدافع. ويعتبر مرض الوسواس القهرى مرضا طبيا مرتبط بالمخ ويسبب مشاكل فى معالجة المعلومات التى تصل إلى المخ.ويتضمن مرض الوسواس القهرى عادة أن تكون هناك وساوس وأفعال قهرية، على الرغم من أن المصاب بمرض الوسواس القهرى قد يعانى فى بعض الأحيان من أحد العرضين دون الآخر.

والوساوس هى الأفكار والصور والدوافع الغريزية التى قد تتم بشكل متكرر وتحس بأنها خارجه عن إرادتك...  وعادة لا يريد الشخص أن يفكر بهذه الأفكار ويجدها مضايقه له ويجد نفسه مرغما عليها ويحس عادة بأن هذه الأفكار لا معنى لها فى الحقيقة.

ومن أعراض التصرفات القهرية أن يقوم المريض بفحص الأشياء فحصاً متكرراً، فيفحص مثلاً الأبواب ليتأكد من أنها مغلقة، أو يفحص الأجهزة الكهربائية في البيت للتأكد من أنها مطفأة. وهذا الفحص يتكرر مراتٍ عدة بشكل غير طبيعي. ويقوم أحيانا بتكرار بعض الكلمات ، أو قيامه بتصرفات معينة لا مغزىً منها للتخفيف من توتره وقد ويمضي مريض الوسواس القهري وقتاً طويلاً في التنظيف ، والغسيل وله طريقة معينة في ترتيبه لأغراضه وحاجاته. أو الانخراط في الطقوس الدينية بشكل غير طبيعي ، وأداء الصلاة بشكل متكرر مرضي .واحيانا يحتفظ المريض بأشياء غير مهمة ، مثل الصحف القديمة .

وقد ذهب البعض فى تفسير مرض الوسواس القهرى إلى أن سببه هو وجود بؤرة كهربائية نشيطة فى لحاء المخ، وتسبب هذه البؤرة حسب مكانها فى اللحاء فكرة أو حركة أو اندفاعا وتستمر هذه الدائرة الكهربائية فى نشاطها رغم محاولة مقاومتها تماما كما تتعطل الاسطوانة فى المسجل وتتكرر نفس النغمة وتستمر إن لم يحركها الفرد إلى نغمه أخرى...  وهذه البؤرة وان لم تكن فى حالة نشاط مستمر إلا أنها على اتصال دائم بكافة الدوائر الكهربائية فى لحاء المخ ولذا يتبين للمريض عدم صحة هذه الفكرة لان بقية اللحاء أو مركز الفكر يقاوم هذه البؤرة .

ويحتاج مريض الوسواس القهرى للعلاج النفسى وذلك لتفسير طبيعة الأعراض وطمأنته بأن حالته بعيدة عن الجنون مع محاولة الكشف عن العوامل الدفينة التى أدت إلى هذه الأعراض والمعنى الرمزى لأعراضه.

وكذلك يفيد العلاج السلوكي  ويتم بان تقوم بما يعرف بالتحليل السلوكي، فعليك أن تحدد الوساوس، فإذا كانت فكرة تتأمل في هذه الفكرة ثم قم بتحقيرها وقل لنفسك (هذه فكرة سخيفة لن أتبعها، وهذا فعل سخيف لن أتبعه؛ لأني أعرف أن عدم اتباعه سوف يسبب لي قلقاً، ولكني سوف أقاوم هذا القلق)، هذا يعرف بـ (الإقناع الذاتي) وهو علاج سلوكي ضروري جدّاً.

ثم بعد ذلك تأمل في الفكرة الوسواسية وقم بإدخال استشعار أو إحساس مخالف، وقد وجد أن إيقاع الألم بالنفس يعتبر طريقة جيدة، فعلى سبيل المثال: إذا كانت هنالك فكرة معينة تنتابك اربط هذه الفكرة بفكرة الألم، والألم يأتي بأن تقوم بالضرب على يدك بقوة على جسم صلب حتى تحس بالألم دون أن تسبب ضررا للجسم، اقرن الألم بالفكرة وكرر ذلك عدة مرات.

أما بالنسبة للأفعال الوسواسية، فإذا كان هنالك بطء في عمل الشيء، فمثلاً كثير من الناس يستغرق وقتاً طويلاً في الوضوء ويكرر الوضوء، ونتغلب على ذلك بتحديد الوقت، فقل (سوف أستغرق خمس دقائق ولن أزيد على ذلك)، وأيضاً يقوم الشخص بتحديد كمية الماء، ولا يتوضأ من ماء الصنبور، لأن هذا يجعله يتمادى، وحين يحدد الإنسان كمية الماء ويحدد الزمن يجد بعض القلق، لكن بعد ذلك سوف يجد أن الأمور سهلة.

إذن العلاج السلوكى يكون بأن أحلل الفكرة، وأن أرفض الفكرة، وأن أقاوم الفكرة، وأن أربط الفكرة باستشعار وإحساس مخالف، وأن أدخل فكرة مضادة.. هذا هو العلاج السلوكي الذي يتطلب الاستمرار، وهو يتميز بأنه يمنع الانتكاسات المرضية. والمدة اللازمة للعلاج السلوكي، فتكون لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

  وتفيد العقاقير المضادة للقلق والاكتئاب والأدوية المطمئنة الكبرى فى اختفاء التوتر والاكتئاب المصاحبين للوسواس مما يجعل المريض قادرا على مقاومته راغبا فى الاستمرار فى نشاطه الاجتماعى

  وقد ظهرت حديثا العقاقير المضادة للاكتئاب والتى لها خاصية زيادة الموصل العصبى السيروتونين وأثبتت فاعلية فى علاج الوسواس القهرى مقارنة بالعقاقير الأخرى المضادة للاكتئاب والتى تتلخص فاعليتها فى تخفيف القلق والاكتئاب دون التأثير على الوساوس .

 


 

اذا كان لديك مشكلة وترغب فى عرضها على العيادة النفسية

سجل ايميلك لتصلك الاعداد الجديدة من مجلة النفس المطمئنة