رعاية أبناء المطلقين

رعاية أبناء المطلقين

كما يشعر المطلقين بالفشل والضياع والوحدة والغضب في لحظة الطلاق وما بعدها , يشعر أيضا أبناء المطلقين أن الأرض غارت من تحت أقدامهم , وأن زلزالا مروعا قد دمر البيت وذهب بالدفء والإستقرار والراحة والحب إلى الأبد , وهم ينظرون إلى الأب والأم وكل منهما يمشي عكس اتجاه الآخر ويعطيه ظهره , والأبناء لا يدرون مع أيهما يذهبون , والمؤكد أنهم سيلحقون بأحد الأبوين ويفقدان الآخر , وأنهما لن يريانهما "معا" بعد ذلك , وكلمة "معا" هنا تتغير معها نوعية الحياة . وبناءا على ذلك يحتاج أبناء المطلقين إلى نوع من الرعاية النفسية والإجتماعية إذا أردنا أن نخفف أو نلطف من آثار الطلاق "أبغض الحلال عند الله , وأصعب الحلول عند الناس" .

وقد نفهم من العنوان أن الرعاية تبدأ بعد الطلاق ، ولكن هذا غير حقيقى وغير واقعى ، فالرعاية تحتاج لأن نبدأها قبل وقوع الطلاق وأثناء الطلاق وبعد الطلاق.

قبل وقوع الطلاق:

كثيراً مايشهد الأبناء مظاهر صراع الأبوين وخلافاتهما ونزاعاتهما المؤلمة،وبعض الأزواج والزوجات رغم علمهما بالأثر السئ لذلك ولايستطيعان التوقف عن إظهار كل ذلك أو بعضه أمام الأبناء،وقد تكون ثمة رغبة لاشعورية أو شعورية لدى أحدهما لإظهار ذلك أمام الأبناء بهدف الضغط على الطرف الآخر(خاصة إذا بدا أنه يتألم من ذلك أو يحاول إيقافه)أو بهدف استقطاب الأبناء بعد تشويه الطرف الآخر وإهانته أمامهم(مع أن العكس يحدث فى الحقيقة حيث يكره الأبناء الطرف المتعدى وربما يحتقرونه ويبتعدون عنه)،أو بهدف إظهار أنه ضحية وأنه يحتاج لمساعدة الأبناء للضغط على الطرف الآخر المعتدى.

المهم أن الأبناء فى كل الحالات يعيشون فى بيت قد تحول لحلبة صراع،وأصبح شبيهاً بساحة معركة بدلاً من أن يكون عامراً بمعانى السكن والمودة والرحمة.وهذا مايدعوالمتحمسين للطلاق كحل فى مثل هذه الظروف لأن يقولوا بأن انفصال الأبوين عن بعضهما فى مثل هذه الظروف أفضل للجميع،على الرغم من معرفتهم بكل مساوئ وتبعات الطلاق.

وقد تتوقف المنازعات والمشاجرات وتحل محلها حالة من الفتور واللامبالاة وفقد إحساس كل طرف بالآخر فيعيش الزوجان وكأنهما غريبين على بعضهما ويلف البيت سحابة باردة وينعدم فيه الدفء والحب والطمأنينة،ويعيش الأبناء فى هذا الجو وكأنهم يعيشون فى قبر تخلو منه الحياة والمشاعر،ويصبح كل شخص منعزلاً عن الآخر وكأن كل منهم يعيش فى جزيرة وحده.

هذه الظروف سواءاً كانت الصاخبة منها أو الباردة الفاترة تترك آثارها العميقة على الأبناء،وقد يعبرون عنها بطرق مباشرة صريحة خاصة إذا كانوا فى مرحلة من النضج تسمح بذلك وقد لايستطيعون التعبير عنها بهذا الشكل فتتسرب إلى نفوسهم وتتغلغل فيها لكى تظهر فى شكل اضطرابات فى النوم أو أحلام مفزعة أو فقدان للشهية أو إفراط فى الطعام،أو تغيرات فى الوزن(بالنقص أو الزيادة)أو تبول لاإرادى،أو هرب من البيت أو من المدرسة،أو اندفاع نحو الأقران بحثاً عن الحب والأمان لديهم،أو تعاطياً لمخدرات أو مسكرات هرباً من الألم النفسى ومن الشعور بالتعاسة والإحباط وبحثاً عن لذة حتى ولو كانت زائفة,أو يتورطون فى علاقات خطرة بحثاًعن الدفء الإنسانى الذى افتقدوه داخل البيت.

وقد يستقطب الأبناء ناحية أحد الوالدين ليدخلوا فى صراع مع الآخر وقد ينقسمون بين الأب والأم فيذهب بعضهم مع هذا أو يذهب البعض الآخر مع ذاك ويتحول البيت إلى معسكرين متصارعين.

وربما انتبه الوالدان لذلك أو لم ينتبهوا،ولكنهم ماضون فى صراعهم أو انفصالهم أو فتورهم أو استقطابهم غير مدركين(أو مدركين)لآثار كل ذلك على البنية النفسية لأطفالهم.

ومن هنا تأتى أهمية التدخل من المحيطين بهم والمهتمين بشئونهم والخائفين عليهم لتحسين هذه الأوضاع ولمحاولة رأب الصدع وحل الصراع.وإذا لم ينجح كل هذا فلا أقل من حماية كل الأطراف من الآثار المدمرة لهذا الجو المضطرب وذلك من خلال الارتقاء بلغة الخلاف ومن خلال وضع ضوابط وحدود لأدوات الصراع وآلياته.وقد يكون هذا شبيهاً لما يحدث فى الحروب،فعلى الرغم من شراسة ووحشية الصراعات المسلحة ،إلاأن ذلك لم يمنع من وضع شرائع وقوانين تطبق فى زمن الحرب فتحظر أشياءاً وتجرم أشياءاً بهدف التقليل من الآثار المدمرة للحرب إذا كان منعها صعباً أو مستحيلاً.

والطرف الثالث الذى يتدخل بين الزوجين يضبط إيقاع العلاقة المضطربة قد يكون أحد الأقارب من عائلة الزوجة أو الزوج،أو يكون اثنين أحدهما من عائلة الزوجة والآخر من عائلة الزوج،وهو ماجاء فى القرآن الكريم"فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما"والحكمة فى هذا الاختيار الثنائى أن نضمن العدالة وعدم التحيز الذى قد ينشأ عن الانتماء العائلى والتحيز العاطفى.ونلمح فى الآية الكريمة معنى التبكير بهذا التدخل الإصلاحى وذلك فى تعبير"فإن خفتم شقاق بينهما"أى أننا كمجتمع سنقوم بهذه المهمة عند مجرد الشعور بالخوف من احتمالات الشقاق بين الزوجين ولاننتظر أن تحدث الحرب بينهما فيدمر كل منهما الآخر ويصبح الإصلاح عندئذ مستحيلاً حيث يكونا قد وصلا إلى حالة اللاعودة.فالعلاقة الزوجية هى علاقة إنسانية..علاقة وجدانية..علاقة روحية..وهذه الكلمات:إنسانية ووجدانية وروحية كلمات رقيقة وحساسة لاتحتمل أن تعيش فى أجواء الصراعات الدامية ولاتصبر كثيراً فى أجواء الإهانات المتبادلة أو التجريحات القاسية أو الإهمال المميت.كما أن التأخر فى التخل والإصلاح قد ينتج عنه آثار مستديمة فى البناء النفسى للأطفال الذين عايشوا أجواء الصراع لفترات طويلة دون مساعدة ودون حماية.وإذا كان الطرفان المتنازعان قد فقدوا البصيرة أو الحكمة أو التحكم فى نزعاتهما،وإن المجتمع المحيط بهما يتحمل مسئولية تخفيف هذا النزاع أو ضبط إيقاعه مع تقليل آثاره على الأبناء فى الوقت المناسب،والهدف هنا ليس منع الآثار والتداعيات الضارة على كل الأطراف،فهى واقعة واقعة ،وإنما هو تخفيف تلك الآثار قدر الإمكان.

وفى حالة عجز الآليات العائلية عن الإصلاح بين الزوجين،قدينتقل الأمر كمرحلة تالية إلى أحد المتخصصين النفسيين أو الاجتماعيين لمساعدة الطرفين المتصارعين على الاستبصار بطبيعة الصراع وأسبابه وأدواته،ثم محاولة الاستفادة من هذه البصيرة فى إطفاء بؤر الصراع لدى وبين الطرفين،أو على الأقل إدارة الصراع بطريقة متحضرة على الأمل الوصول فى وقت ما إلى مرحلة حل الصراع والشخص المتخصص هنا سواءاً كان طبيباً نفسياً أو أخصائياً نفسياً أو اجتماعياً يتميز بالخبرة والحيادية وعدم التحيز(أو يجب أن يكون كذلك)،إضافة إلى احتفاظه بأسرار الطرفين،وإدراكه لحساسية موقف الأطفال وضرورة رعايتهم فى وقت احتدام الصراع.

 ومن الأشياء المطلوبة قبل حدوث الطلاق:

1. تجنب إظهار الصراعات والخلافات أمام الأطفال

2.تجنب استخدام الأطفال للضغط أو لى الذراع وتجنب استقطابهم نحو أى طرف

3. إذا كان الطلاق قد أصبح وشيكاً أو مؤكداً فقد يصبح من المفيد أن يعرف به الأطفال على قدر ما يحتمل إدراكهم،على أن يتم ذلك بصورة فيها حكمة وهدوء وأن لايتم تشويه صورة أحد الطرفين أو كليهما أثناء القيام بهذا الأمر،فمثلاً تقول الأم لطفلها:"قد نذهب أنا وأنت لنعيش فى بيت جدو ولكنك تستطيع أن ترى بابا مرة كل أسبوع أو حيثما تسمح ظروفه بذلك"

4.وإذا كان الأبناء فى سن أكبر فقد يجلس معهما الوالدان ويشرحان لهما صعوبة أو استحالة استمرارهما معاً ورغبتهما فى الانفصال،وأن هذا لايعنى كونهما سيئين أو كون أحدهما سيئاً،وإنما يعنى أنهما لم يتفقا فى طباعهما،وأن الله قد أحل الطلاق فى الظروف التى يصبح استمرار الزوجين معاً أكثر ضرراً عليهما وعلى أبنائهما،وأنهما حتى بعد الطلاق سيظلان أبوين راعيين لأبنائهما وأن كلاً منهما سيحترم الآخر فى إطار الظروف الجديدة التى ستطرأ بعد الطلاق،وأنهما سيبذلان مافى وسعهما للمحافظة على استقرار وسلامة وسعادة أبنائهما،فعلى الرغم من أنهما لن يصبحا زوجين بعد الطلاق إلا أنهما سيظلا أبوين لأبنائهما.

قد يبدو هذا الأمر مثالياً بدرجة أو بأخرى،وقد يتسائل البعض:إن كان الزوجين على هذه الدرجة من النضج والرقى والتحضر فلماذا إذن الطلاق؟

..والجواب هنا أن نسبة من المطلقين قد يكونوا هكذا فعلاً،فكل منهما ناضج وراق ومتحضر فى ذاته،ولكنه يفشل فى علاقته بالطرف الآخرنتيجة اختلاف الشخصيات والتوجهات أو نتيجة اختلاف الظروف المحيطة بهما.

وقد تقل احتمالات هذا السلوك الراقى وهذا الطلاق المتحضر فى حالة كون أحد الزوجين سيئاً،حيث سيحاول هذا الطرف السئ أن ينتقص الطرف الآخر ويلقى عليه بكل الأخطاء وسيحاول أن يستغل الأبناء فى الصراع ولى الذراع والضغط وسيحاول استقطابهم.

ويزداد الأمر سوءاً فى حالة كون الطرفين سيئين.

وهنا نحتاج إلى حكمة وتقدير الطرف الثالث لتحجيم عدوان أحد الطرفين أو كليهما وقد يتم ذلك بواسطة القاضى أو بعض الجهات الاجتماعية فى حالة تعذر حدوثه بالطرق الودية.

وقد يقول قائل:ماذا لو رفض البناء الطلاق كحل وحاولوا الضغط على والديهم للاستمرار؟

..وهنا نقول أنه لاضير فى ذلك،فقد ينجح الأبناء فى رأب الصدع أو فى تحسين العلاقة أو تحجيم عدوان أحد الطرفين أو تبصيره بذلك.وإذا لم ينجحوا فعلى الأقل تصبح لديهم قناعة أن الطلاق لايمكن تفاديه..ويجهزون أنفسهم لهذه الخطوة ويناقشون أبويهما فى كثير من التفاصيل التى تهم حياتهم قبل وأثناء وبعد الطلاق فمثلاً يعرفون أين سيسكنون،وكيف سنحافظ على استقرارهم المادى،وعلى بقائهم قدر الإمكان فى نفس مدارسهم وقريباً من أصدقائهم،وكيف ستستمر علاقاتهم العائلية(بالعائلتين)بعد الطلاق فضلاً عن استمرارهما مع الأبوين...وهكذا؟ 

أثناء الطلاق:

لحظة الطلاق(وما يسبقها وما يليها)هى لحظة مروعة فهى شهادة وفاة لعلاقة زوجية طال مرضها أو اشتد،ولهذا فهى تموج بمشاعر سلبية هائلة مثل الغضب والحزن والضيق والخوف واللوم وأحياناً الرغبة فى الثأر والانتقام.وقد تحدث مشاحنات أثناء إجراءات الطلاق،وقد يحاول كل طرف أن يؤلم الطرف الآخر ويضغط عليه كنوع من الثأر أو العقاب أو كمحاولة لإثنائه عن ذلك القرار.وفى كثير من الأحيان يستخدم الأطفال كأدوات فى الصراع والمساومة،فيحاول أحد الطرفين أن يستخدم الأطفال كورقة يساوم بها الطرف الآخر ليدفعه إلى قبول شئ أو التنازل عن الشئ،وقد يلجأ هذا الطرف المستغل إلى وسائل غير شريفة كأن يشوه صورة الطرف الآخر فى عين الأبناء أو يلوح لهم بمزايا أو رشاوى فى حالة وقوفهم فى صفه،أو يبالغ فى تدليلهم وتلبية كل مطالبهم فى مقابل استقطابهم،أو يستخدمهم للتنصت والتجسس على الطرف الآخر،أو يقسو عليهم أكثر من اللازم،أو يحول بينهم وبين رؤية أمهم أو أبيهم.

وهكذا يدخل الأطفال كوقود فى معركة الطلاق وقد يترك ذلك جروحاً نفسية لاتلتئم أبداً بعد ذلك.

 وإذا كان قد بقى لدى الزوجين المتنازعين قدر من البصيرة فإننا نقول لهما:

1.  لاتعتبرا الطلاق صفقة تحاولان الحصول فيها على أكبر مكسب.

2.  حين تتنازل عن بعض حقوقك للطرف الآخر فى سبيل الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقة الجيدة فأنت الرابح لنفسك ولأطفالك.

3.  تذكرى(أو تذكر)أنه بالرغم من انتهاء علاقتكما كزوجين بالطلاق إلا أن ثمة علاقة أخرى باقية بينكما وهى أبوتكما المشتركة لأبنائكما،وهذا يستدعى الإبقاء على قدر من الود والاحترام يسمح بالتواصل من أجل مصلحة الأبناء.

4.  لاتضع(لاتضعى)أبنائك كوقود فى محرقة الصراع الزواجى مهما كانت استفزازات الطرف الآخر.

5.  حين تجدى(تجد)أن الطرف الآخر يبالغ فى التعدى ويحاول استخدام الأطفال،فلامانع من طلب المساعدة من طرف ثالث يتسم بالحكمة والقدرة على ضبط الأمور.

6.  تمسك(تمسكى)بهدوئك قدر الإمكان لحظة الطلاق ولاتدع غضبك يدفعك إلى قطع كل حبال الود مع الطرف الآخر أو مع عائلته.

7. لاتلجأ(تلجأى)لأساليب غير شريفة لتوريط الطرف الآخر فى إشكالات قانونية أو إجرائية ولاتلتفت لإغراءات بعض المحامين أو بعض الأقارب أو المعارف لفعل ذلك،فالخسارة بشرف أكرم وأفضل من الكسب بنذالة أو تزوير أو افتراء.

بعد الطلاق:

كما يشعر الزوجان بعد الطلاق بالغضب والفشل والوحدة والضياع،يشعر أيضاً الأبناء بذلك-بل إن خسارة الأبناء أكثر،فهم يشعرون بالتصدع والانشقاق لأنهما لم يعودوا يرون الأب والأم"معاً"فى بيت واحد،وأصبح لديهم مشكلات فى الانتماء لأسرة،وهم حيارى بين الولاء للأب والولاء للأم.يشعرون أنهم مختلفين عن بقية زملائهم،فقد فقدوا دفء الأسرة وسكينتها وفقدوا حنان ورعاية وحماية أحد الأبوين،وذهبوا ليزاحموا أسرة أخرى فى مسكنها وفى طعامها.

والأكثر من ذلك أنهم فقدوا فرصة النمو النفسى والتربوى الطبيعى،فالولد يحتاج لأبيه كى يتوحد معه كنموذج للرجل ويحتاج لأمه كى ينشأ فى نسيجه النفسى ذلك الجزء الأنثوى الذى يشعر بالأنثى وينجح فى التعامل معها،والبنت تحتاج لأمها كى تتوحد معها كنموذج للمرأة،وتحتاج لأبيها كى ينشأ فى نسيجها النفسى ذلك الجزء الذكورى الذى يشعر بالرجل وينجح فى التعامل معه.

وكل الجهود والمحاولات التى تبذل سوف يكون غاية مرادها التقليل من آثار الطلاق وليس منعها،إذ لايملك أحد هذا المنع،ولكنه-الطلاق-أبغض الحلال عند الله،وأبغض الحلول عند الناس،نلجأ إليه حين تتأكد استحالة وجود السكن وتحقق المودة والرحمة،ونحاول أن نجعله-كما وصفه الله تعالى-تسريحاً بإحسان بعد أن تعذر الإمساك بالمعروف

.وهنا نشير إلى عدة توصيات يلتزم بها الأبوين أو يلزمهما بها الحكمين من العائلتين أو الاخصائى النفسى أو الاجتماعى أو القاضى إذا لزم الأمر.وهذه التوصيات نوجزها فيما يلى:

1. استبقاء علاقة الأطفال بوالديهم قدر الإمكان وعلى فترات قريبة وذلك لضمان استكمال وتوازن البناء النفسى والتربوى للأطفال.

2. عدم لجوء أحد الطرفين لتشويه الطرف الآخر أمام الأطفال،فهذا سلوك يدل على الخسة وسوء الخلق وضعف الثقة بالنفس،فضلاً عن أثره المدمر على الطفل،والذى يريد أن يحب ويحترم أمه وأبيه،وأن انهيار صورة أحدهما يحدث انهياراً مقابلاً فى نفس الطفل.

وإذا كان أحد الطرفين يفعل ذلك بوعى أو بدون وعى،ببراءة أو بخبث،فلينبهه الطرف الآخر ولايستدرك هذا الطرف لفعل مماثل بل يلتزم الهدوء والعقلانية والنبل والشرف حتى لاتنهار صورة الأبوين معاً.ومع الوقت سيعرف الأطفال حقيقة الطرفين.

3. إبقاء الأطفال فى مسكنهم الذى اعتادوا عليه وفى نفس مدارسهم وفى نفس ناديهم،وأن تستمر علاقاتهم بأصدقائهم وبأفراد العائلتين.

4. المحافظة على المستوى المادى الذى عاشه الأطفال.5. إتاحة الفرصة لوجود الأب ووجود الأم فى المناسبات المختلفة التى تهم الأبناء،وذلك تفادياً لشعور الأطفال بالضياع أو الفقد أو النقص.

6.الحفاظ على السلطة الوالديه(للطرفين الأب والأم)،وأن لايلجأ أحد الطرفين لتهميش دور الطرف الآخر أو إلغائه.

7. فى حالة اختفاء الأب أو الأم من حياة الأطفال بعد الزواج(طوعاً أو كرهاً)فالأمر يحتاج إلى تعويض دور الطرف الغائب،ويقوم بذلك أحد أفراد العائلة التى يقيم فى كنفها الأطفال كالعم أو الخال أو العمة أو الخالة أو الجد أو الجدة.

وأخيراً نقول للطرفين،لقد تزوجتما بكلمة من الله،وافترقتما بكلمة من الله فراعيا الله فى كل ماتقولان وتفعلان ولاتكونا سبباً فى ضياع أحب الناس إليكما ونذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كفى بالمرء إثماً أن يضيع مايعول"..فتضييع الأبناء تحت أى مسمى أو أى دعوى هو إثم أى....،بل هو من أعظم الآثام التى يمكن أن يقترفها أب أو أم.

 وقد يقول قائل،إذا كنا سنحتاج إلى كل هذه التوصيات والجهود لنتفادى الآثار الضارة للطلاق على الأبناء،فلماذا لانضغط على الزوجين ونمنع الطلاق،

..وهذا قد يبدو حلاً مريحاً ومفضلاً لدى من يتعامل وهو خارج اطار المشكلة الزوجية،ولكن الأمر فى النهاية يخضع للتوفيق بين احتياجات الطرفين المتصارعين غير المتوافقين من جهة واحتياجات الأبناء من جهة أخرى،والوصول إلى حالة من التوازن المعقول والواقعى بين الاحتياجات المختلفة.

وقد يترك الأمر بين الزوجين العاقلين الناضجين لعمل هذه التوفيقات المتوازنة،أما فى حالة فقد القدرة على ذلك،وفى حالة التورط فى الصراع إلى درجة فقدان الرؤية والبصيرة،فإن التدخل الإصلاحى العائلى أو الاجتماعى أو المتخصص أو القانونى لجدير بتخفيف حدة الصراع ووضع الضوابط الآمنة له للحفاظ على سلامة ومصالح كل الأطراف.

اذا كان لديك مشكلة وترغب فى عرضها على العيادة النفسية

سجل ايميلك لتصلك الاعداد الجديدة من مجلة النفس المطمئنة